دبي توظف الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة صيانة السكك الحديدية

أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي عن اعتمادها رسميًا نظام الفحص الآلي للبنية التحتية للسكك الحديدية المعروف باسم (ARIIS)، وهو نظام مبتكر يوظف تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية من أجل تحسين كفاءة الصيانة التشغيلية، وتقليل الاعتماد على الفحوصات التقليدية التي كانت تستهلك وقتًا طويلًا وموارد بشرية كبيرة. 

ويعد هذا التحول بمثابة نقلة استراتيجية، إذ يسهم في رفع مستوى السلامة التشغيلية لشبكة المترو، ويعزز من موثوقيتها على المدى الطويل.

يعتمد النظام الجديد على تحليل البيانات الضخمة التي يتم جمعها بشكل لحظي من مختلف أجزاء البنية التحتية، حيث يقوم برصد أي تشققات أو تآكل أو انحرافات قد تؤثر على كفاءة الشبكة، ثم يُعالج هذه البيانات باستخدام خوارزميات متقدمة تمكّن فرق الصيانة من اتخاذ قرارات دقيقة مبنية على وقائع ملموسة، مما يحول مفهوم الصيانة من كونه إجراءً تفاعليًا إلى عملية استباقية أكثر كفاءة واستدامة.

صيانة استباقية

يمثل نظام (ARIIS) ترجمة عملية لمفهوم "الصيانة التنبئية"، حيث يتيح التنبؤ بالمشكلات قبل تفاقمها ومعالجتها في مراحل مبكرة، وهو ما انعكس بشكل مباشر على عمر البنية التحتية، إذ ساهم بالفعل في إطالة دورة حياتها، وخفض التكاليف الدورية للصيانة بما يقارب 25%. 

كما ساعدت التحليلات الفورية للبيانات على رفع كفاءة إدارة الموارد بنسبة وصلت إلى 40%، مع تقليل التدخلات اليدوية غير الضرورية.

ولم يتوقف أثر النظام عند حدود الكفاءة الاقتصادية، بل امتد ليعزز جانب السلامة التشغيلية، إذ أصبحت عمليات المراقبة أكثر دقة وأسرع في كشف الأعطال المحتملة، مما أسهم في تحسين أداء الشبكة بشكل عام، وأثبت فعاليته مقارنة بالأساليب التقليدية.

نتائج ملموسة

أظهرت نتائج التطبيق العملي للنظام انخفاض زمن الفحص بنسبة بلغت 75%، ما يعادل توفير نحو 1,700 ساعة عمل بشرية كانت تُهدر سابقًا في الفحوصات التقليدية. 

كما قلّص النظام من الحاجة إلى الفحوص اليدوية بنسبة 70%، وهو ما خفف من احتمال وقوع الأخطاء البشرية، ورفع مستوى دقة البيانات المجمعة.

وفي جانب آخر، ساهم النظام في زيادة القدرة على تقييم حالة البنية التحتية بنسبة 40%، من خلال البيانات التفصيلية التي يوفرها حول حالة السكك، الأمر الذي مكّن من تسريع إجراءات الصيانة والتقليل من التدخلات الطارئة، هذه المؤشرات انعكست بشكل مباشر على تحسين موثوقية شبكة المترو في دبي، التي باتت أكثر قدرة على الاستجابة الفورية والتخطيط الاستراتيجي في آن واحد.

توسع مستقبلي

أكدت هيئة الطرق والمواصلات أن تطبيق النظام يجري حاليًا على بعض خطوط المترو كمرحلة تجريبية أولى، تمهيدًا لتعميمه على جميع مسارات المترو في الإمارة، وذلك بعد استكمال التقييمات الفنية والتشغيلية اللازمة. 

ولا تقتصر خطط الهيئة على شبكة المترو فحسب، إذ تدرس إمكانية توسيع نطاق استخدام النظام أو تطوير نسخ مماثلة منه لتشمل وسائل النقل الأخرى مثل الترام، وهو ما يعكس طموح دبي في استثمار أحدث التقنيات لخدمة بنيتها التحتية المتنوعة.

كما تُنفذ عمليات الفحص في أوقات محددة خلال ساعات الصيانة الليلية، وبالتنسيق الكامل مع غرفة التحكم لضمان سير العمل بانسيابية، وهو ما يقلل من أي تأثير على حركة القطارات أو تنقل الركاب. 

وبفضل هذه الإجراءات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، لم تعد هناك حاجة إلى إيقاف الخدمة أو تعطيلها، مما ضمن استمرار تشغيل المترو بموثوقية عالية على مدار الساعة.

تمثل مبادرة دبي مع نظام ARIIS خطوة جريئة نحو مستقبل يعتمد بشكل أكبر على الأنظمة الذكية، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة، بل أصبح شريكًا أساسيًا في بناء المدن وإدارة بنيتها التحتية بكفاءة. 

ومن خلال هذا التحول من الصيانة التقليدية إلى الصيانة التنبئية، لا ترفع دبي من كفاءة شبكتها فحسب، بل تقدم نموذجًا عالميًا يُحتذى به في كيفية دمج التكنولوجيا المتقدمة في قطاع النقل لضمان الاستدامة والسلامة في آن واحد.