الأربعاء، 03 سبتمبر 2025

02:33 ص

tru

الصين تبتكر تقنية تحول الحشرات إلى أدوات ذكية لجمع البيانات بدقة مذهلة

الحشرات

الحشرات

ياسين عبد العزيز

A A

تمكن فريق بحثي من معهد بكين للتكنولوجيا بقيادة البروفيسور تشاو جيليانج من تحقيق إنجاز يفتح آفاقًا جديدة في عالم التقنيات الحيوية، حيث قام العلماء بتحويل النحل الحقيقي إلى ما يشبه "السايبورج"، وهو كائن يجمع بين العناصر البيولوجية والآلية لتعزيز وظائفه الطبيعية، وذلك عبر تزويده بأجهزة دقيقة للغاية، أخف من رشة ملح، ما يمنحه قدرة استثنائية على أداء مهام معقدة لم يكن من الممكن تخيلها سابقًا.

هذا التطور المثير يعكس حجم التقدم الذي وصلت إليه الصين في مجال دمج التكنولوجيا المتناهية الصغر مع الكائنات الحية، إذ أصبح بالإمكان التحكم في حركة الحشرات وتوجيهها عن بُعد، بما يفتح الباب أمام استخدامات واسعة في جمع البيانات، ورصد التغيرات البيئية، وحتى في مجالات الأمن والإنقاذ.

تقنية دقيقة

بحسب التجارب التي أجراها الفريق البحثي، فقد تم تثبيت الأجهزة الصغيرة على ظهر النحلة، بحيث تتصل بمركز الرؤية في دماغها، ما يتيح التحكم في اتجاه حركتها بدقة عالية، وقد بينت النتائج أن النحل استجاب للتوجيهات في تسع مرات من أصل عشر، وهو معدل استجابة مدهش يعكس فعالية التقنية وموثوقيتها.

هذه القدرة على التحكم شبه الكامل تجعل من النحل المعدل أداة حيوية لجمع البيانات في بيئات يصعب على البشر الوصول إليها، مثل الغابات الكثيفة أو المناطق الملوثة أو حتى مواقع الكوارث الطبيعية، حيث يمكن للنحلة المزودة بالمجسات أن تقيس درجات الحرارة، وترصد مستويات الغازات، وتنقل بيانات دقيقة في الوقت الفعلي.

استخدامات متعددة

ورغم أن بعض الأصوات قد تربط هذا الابتكار بالتجسس العسكري نظرًا لدقته وقدرته على العمل في أماكن حساسة دون إثارة الانتباه، إلا أن إمكانياته تتجاوز ذلك بكثير، إذ يمكن الاستعانة به في عمليات البحث والإنقاذ، خصوصًا في حالات انهيار المباني أو الكوارث الطبيعية التي يصعب فيها دخول فرق الإنقاذ، حيث يمكن للنحل الذكي التحليق داخل الشقوق الضيقة ونقل صور أو بيانات تساعد في تحديد أماكن الضحايا.

كذلك يمكن لهذه التقنية أن تلعب دورًا مهمًا في مراقبة البيئات الملوثة، ورصد مستوى التلوث الكيميائي أو البيولوجي دون تعريض حياة الباحثين للخطر، وهو ما قد يشكل نقلة نوعية في طرق حماية البيئة ومتابعة آثار الأنشطة الصناعية على النظم البيئية المختلفة.

عالم جديد

إن ما حققه العلماء في بكين لا يقتصر على تطوير أداة جديدة لجمع البيانات، بل يفتح الباب أمام عصر جديد تتقاطع فيه التكنولوجيا الحيوية مع الذكاء الاصطناعي والأمن البيئي، فالجمع بين القدرات الطبيعية للكائنات الحية والتقنيات الرقمية الدقيقة يمكن أن يحدث ثورة في العديد من المجالات، من الزراعة الذكية إلى الحماية العسكرية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تكون بداية لسلسلة من الابتكارات التي تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والكائنات الحية، حيث يصبح التحكم في وظائفها جزءًا من الحلول العلمية لمشكلات معقدة، مثل تغير المناخ، ومكافحة الكوارث، والتحديات الأمنية.

ورغم الجدل الأخلاقي الذي قد يثار حول تحويل الكائنات الحية إلى أدوات تقنية، إلا أن الباحثين يؤكدون أن الهدف الأساسي من هذا المشروع هو خدمة البشرية، وتقديم وسائل مبتكرة أكثر أمانًا وفعالية لجمع البيانات الدقيقة، دون المخاطرة بأرواح البشر في البيئات الخطرة.

في النهاية، يبدو أن الحشرات الذكية ستتحول من مجرد كائنات صغيرة تثير الفضول إلى أدوات استراتيجية تقود مستقبلًا جديدًا، حيث يصبح الدمج بين الحياة البيولوجية والتكنولوجيا المتناهية الصغر أحد أهم ركائز الثورة العلمية المقبلة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً