ثورة الوفرة والذكاء الاصطناعي ترسم ملامح عالم ما بعد الوظائف
الذكاء الاصطناعي
يفتح التسارع المذهل في تقنيات الذكاء الاصطناعي باباً واسعاً أمام نقاشات مصيرية حول مستقبل الكدح البشري، حيث يرى فريق من المتفائلين أننا نقف على أعتاب فرصة تاريخية لإعادة صياغة الاقتصاد العالمي، بعيداً عن المخاوف التقليدية من البطالة وتهميش دور الإنسان في الإنتاج اليومي.
يطرح تقرير حديث نشره موقع Vox سيناريو مثيراً للاهتمام يُعرف بمصطلح وفرة الذكاء الاصطناعي، وهو تصور لمستقبل تصبح فيه الآلات قادرة على إنتاج كميات ضخمة من السلع والخدمات بكفاءة مذهلة، مما قد يؤدي لزيادة غير مسبوقة في مستويات الرفاهية والثراء المجتمعي الشامل.
يؤكد أنطون كورينيك أستاذ الاقتصاد بجامعة فيرجينيا أن هذه الأنظمة الذكية ستجعل المجتمعات أكثر ثراءً بدرجات تفوق الخيال، إذ ستتجاوز القدرات الإنتاجية للروبوتات حدود الاقتصاد الحالي بمراحل شاسعة، مما يمنح البشر المورد الأكثر ندرة في تاريخهم وهو الوقت الحر للإبداع والابتكار.
جذور تاريخية
يقارن كورينيك هذا التحول الجذري بالثورة الصناعية التي بدأت قبل نحو 250 عاماً وغيرت وجه البشرية، حيث كان الإنتاج يعتمد قديماً على الأرض قبل أن تحطمه الآلات البخارية والكهرباء، لتفتح الباب أمام توسع إنتاجي غير محدود ساهم في رفع جودة الحياة بشكل دراماتيكي.

يشير المحللون إلى أن التحولات التاريخية الكبرى كانت قاسية في بدايتها على فئات واسعة من الحرفيين، لكنها أسهمت على المدى الطويل في جعل سكان الدول الصناعية اليوم أكثر ثراءً بنحو 20 مرة، مما يعزز فرضية أن التكنولوجيا وإن أزاحت وظائف قديمة فهي تخلق قيمة مضافة هائلة.
يرى الخبراء أن الموجة الأولى من التكنولوجيا ركزت على أتمتة الجهد البدني الشاق في المصانع والحقول، بينما جاءت الحواسيب في القرن 20 لتؤدي المهام الذهنية البسيطة والمتكررة، ليصل بنا المطاف اليوم إلى الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز ذلك نحو المهام المعرفية المعقدة والتحليلية.
تحول الأتمتة
يوضح كورينيك أن رأس المال البشري يمثل العمود الفقري للاقتصاد العالمي في وقتنا الراهن دون منازع، لكن هذا الوضع قد يتبدل قريباً مع إمكانية إضافة عوامل إنتاج ذكية بضغطة زر واحدة، مما يوسع القدرات البشرية ويزيد من وتيرة التصنيع والخدمات بصورة لم يشهدها التاريخ.
تفرض هذه الوعود البراقة تحديات اجتماعية عميقة تتطلب التفكير في حلول مبتكرة لمواجهة انخفاض قيمة العمل، إذ قد يصبح من الضروري اعتماد أنظمة لتوزيع الدخل مثل الدخل الأساسي الشامل، الذي يضمن تغطية تكاليف المعيشة لكل فرد بصرف النظر عن طبيعة وظيفته أو وجودها.
تظهر مقترحات أخرى تتحدث عن منح الأفراد حصصاً محددة من القدرة الحاسوبية يمكنهم استغلالها أو بيعها، بالإضافة إلى نماذج لضمان الوظائف الاجتماعية التي لا يمكن للآلة القيام بها، وذلك لضمان توازن القوى الاقتصادية ومنع احتكار الثروة الناتجة عن الوفرة التقنية الجديدة.
عدالة التوزيع
يشدد التقرير على أن الخطر الحقيقي لا يكمن في وفرة الإنتاج أو ذكاء الآلات بحد ذاتها، بل في الفشل السياسي والمجتمعي في توظيف هذه الثروات وتوزيعها بشكل عادل، مما يضع الحكومات أمام مسؤولية تاريخية لتصميم عقود اجتماعية جديدة تتماشى مع عصر الذكاء الاصطناعي.
يعتبر العامل الحاسم في تحديد مستقبلنا هو القدرة على إيجاد حلول شاملة تمنع تعميق الفجوات الطبقية، فإما أن يقودنا الذكاء الاصطناعي نحو عصر من الازدهار والرفاهية لجميع سكان كوكب الأرض، أو يساهم في عزل فئات واسعة خلف خطوط الفقر الرقمي والتكنولوجي.
يختتم كورينيك رؤيته بالتأكيد على أننا نملك القوة لتوجيه دفة هذا التحول نحو مصلحة الإنسان أولاً، شريطة أن نبدأ من الآن في صياغة قوانين اقتصادية مرنة تستوعب التغيير، وتضمن أن يكون عالم ما بعد الوظائف عالماً مليئاً بالمعنى والقيمة والكرامة لكل فرد في المجتمع.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً