الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025

01:51 م

tru

سباق البقاء في سوق العمل.. لماذا أصبح تعلم الذكاء الاصطناعي المهارة الأهم لضمان المستقبل المهني؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية قيد التطوير، بل أصبح واقعًا يفرض نفسه على بيئات العمل حول العالم، إذ باتت مهارات التعامل معه شرطًا أساسيًا للاستمرار والتطور في وظائف عديدة، فالتغيرات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل جعلت من إتقان الذكاء الاصطناعي ضرورة لا يمكن تجاهلها، حيث لم تعد هذه المهارة خيارًا ترفيهيًا أو ميزة إضافية، بل أصبحت عاملًا فاصلًا بين البقاء والتراجع المهني.

اليوم، يدرك أصحاب الشركات والموظفون على حد سواء أن العالم يشهد ثورة جديدة تغير أسس الوظائف التقليدية، إذ تواجه بعض المهن خطر التراجع أو الاختفاء، بينما تُفتح في المقابل فرص واسعة لوظائف ناشئة تعتمد على إتقان أدوات الذكاء الاصطناعي، هذا التحول السريع يضع العاملين أمام خيارين لا ثالث لهما: مواكبة التطور عبر التعلم المستمر أو مواجهة خطر الاستبعاد من سوق العمل.

ارتفاع الطلب

تشير تقارير حديثة إلى أن الاهتمام بتعلم مهارات الذكاء الاصطناعي يشهد نموًا غير مسبوق في مختلف القطاعات، فقد أظهر تقرير منصة (Udemy) العالمية، المعني بتتبع اتجاهات التعلم والمهارات، أن الموظفين حول العالم يتسابقون لاكتساب خبرات في هذا المجال، مدركين أن الطريق لمستقبل مهني آمن لا يمر عبر تجنب التقنية بل عبر إتقانها.

وبحسب الأرقام، فإن الطلب على مهارات استخدام (GitHub Copilot) ارتفع بنسبة مذهلة بلغت 13,534% خلال عام واحد فقط، في حين قفز الاهتمام بـ(Microsoft Copilot) المخصص للأعمال بنسبة 3,400%. 

كما برزت موضوعات متقدمة مثل "وكلاء الذكاء الاصطناعي" بين أكثر المجالات التي سعى المتعلمون إلى استيعابها، الأمر الذي يعكس تحولًا عالميًا نحو الوعي بأن السباق الحقيقي في العمل هو سباق معرفة هذه التقنية.

ولم تعد المقولة المتداولة "لن تفقد وظيفتك بسبب الذكاء الاصطناعي، بل بسبب شخص يعرف كيف يستخدمه" مجرد عبارة تحذيرية، بل تحولت إلى حقيقة ملموسة تؤكدها الاتجاهات والبيانات.

وعي متزايد

لا يقتصر الإقبال على تعلم الذكاء الاصطناعي على الجوانب التقنية فقط، بل يتعداه إلى الوعي بالمخاطر والتحديات الأخلاقية، فقد أظهر التقرير ذاته أن موضوع "أخلاقيات وحوكمة الذكاء الاصطناعي" احتل المرتبة السادسة بين أكثر الموضوعات تعلمًا عبر (Udemy Business)، وهو ما يشير إلى إدراك متنامٍ لدى المتعلمين بضرورة فهم حدود هذه التقنية ومخاطر إساءة استخدامها.

فالذكاء الاصطناعي لا يمثل فقط فرصة للنمو المهني، بل يحمل في طياته تحديات تتعلق بالخصوصية، والتحيزات، والقرارات المؤتمتة، مما يجعل من الضروري الجمع بين المعرفة التقنية والإلمام بالأبعاد الأخلاقية والحوكمية، لضمان استخدام مسؤول وفعال لهذه الأدوات في بيئات العمل.

تحديات قائمة

ورغم هذا الزخم، فإن الطريق إلى إتقان الذكاء الاصطناعي ليس سهلًا للجميع، إذ أظهر تقرير صادر عن (لينكدإن) أن نسبة كبيرة من الموظفين ما زالت ترى في التعلم عبئًا إضافيًا يوازي وظيفة ثانية، وهو ما يفسر أن نحو 47% من الموظفين لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي بكامل إمكاناته.

كما يشعر 33% منهم بالحرج نتيجة ضعف فهمهم للتقنية، فيما عبّر آخرون عن شعور بالإرهاق الناتج عن ضغط التكيف مع هذه التحولات، وهو ما ظهر في زيادة بنسبة 82% في المنشورات عبر لينكدإن التي تتحدث عن هذا القلق. 

وتشير الأرقام إلى أن 30% من الموظفين نادرًا ما يستخدمون الذكاء الاصطناعي أو لا يستخدمونه إطلاقًا، ما يكشف أن هناك حاجة إلى استراتيجيات أكثر شمولية لتبسيط عملية التعلم وتحفيز الموظفين على الانخراط فيها.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة محورية في معظم القطاعات، فإن المهارات البشرية لا تزال تمثل ركيزة أساسية، فقد أكد التقرير أن المهارات التكيفية مثل التفكير النقدي والمرونة والتواصل شهدت نموًا بنسبة 25% خلال عام واحد، وهو ما يثبت أنها لا تقل أهمية عن المهارات التقنية، بل تكملها.

إن المشهد الحالي يؤكد أن مستقبل العمل لن يُبنى على التقنية وحدها، بل على مزيج متوازن بين القدرات البشرية والمهارات الرقمية، حيث يصبح من يتقن هذا المزيج في موقع أفضل لقيادة التغيير ومواجهة تحديات سوق العمل المتسارع.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً