أبوظبي تعلن عن طفرة بحثية في الليزر تفتح آفاقا للجراحة الدقيقة والتصنيع المتقدم

أعلنت أبوظبي عن إطلاق جيل جديد من تقنيات الليزر الليفي عالية القدرة، وذلك من خلال معهد الابتكار التكنولوجي (TII)، الذراع البحثية التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة. 

ويعتمد الابتكار الجديد على الطول الموجي 2 ميكرومتر، ما يجعله أحد أبرز التطورات التي ستعيد رسم ملامح مستقبل الجراحة الدقيقة والصناعات المتقدمة.

يمثل هذا الإنجاز إضافة استراتيجية لمكانة الإمارات على الساحة العالمية، حيث لا يقتصر على كونه قفزة علمية فحسب، بل يمتد ليتيح تطبيقات عملية في مجالات متعددة، بدءا من الرعاية الصحية ووصولا إلى الصناعات الثقيلة. 

ويؤكد الخبراء أن ما يميز هذا الليزر هو كفاءته العالية وتصميمه المدمج، ما يجعله خيارا مثاليا للأدوات الطبية الدقيقة والأنظمة الصناعية التي تتطلب معالجة عالية الجودة للمواد.

ابتكار طبي

يعتمد الليزر الجديد على تقنية الثوليوم، التي توفر قدرة استثنائية على التفاعل مع المواد الغنية بالماء، وهي خاصية محورية في التطبيقات الطبية. 

ويتيح هذا الأمر للأطباء إجراء عمليات جراحية طفيفة التوغل بدقة غير مسبوقة، مع تقليل الأضرار التي تلحق بالأنسجة المحيطة. 

ويخضع النظام حاليا لاختبارات مكثفة تشمل جراحات المسالك البولية وعلاج حصى الكلى والبروستاتا، مع خطط مستقبلية لتوسيعه ليشمل تخصصات طبية أخرى.

كما أن لهذه التقنية قيمة مضافة في المجال الصناعي، إذ تتيح معالجة المواد بشكل نظيف ودقيق، ما يسهم في تطوير أدوات صناعية أكثر كفاءة وأمانا. 

ويعتبر هذا الدمج بين الاستخدامات الطبية والصناعية مؤشرا على اتساع نطاق التأثير الذي يمكن أن يحققه الليزر الجديد على المديين المتوسط والبعيد.

تعاون دولي

من أجل تسريع إدماج الابتكار في الأسواق العالمية، أبرم معهد الابتكار التكنولوجي شراكة مع شركة ليما فوتونيكس الألمانية المتخصصة في تطوير الأجهزة الطبية. 

وتهدف هذه الشراكة إلى الجمع بين الخبرة البحثية للمعهد والكفاءات الصناعية للشركة الأوروبية، بما يضمن توافق المنتج مع المعايير الدولية.

وأكد الدكتور فيليكس فيجا، كبير الباحثين في مركز بحوث الطاقة الموجهة، أن الطموح الأساسي يتمثل في تحويل هذا الإنجاز من نموذج بحثي إلى تطبيق عملي يحدث فرقا في حياة الناس. 

وأوضح أن التعاون مع ليما فوتونيكس يختصر الوقت اللازم لنقل التقنية من المختبر إلى غرفة العمليات، وهو ما يعزز فرص إدماجها في أنظمة الرعاية الصحية المتقدمة.

وفي المقابل، أشاد الدكتور سمير لمريني، الرئيس التنفيذي لشركة ليما فوتونيكس، بالشراكة مع أبوظبي، مؤكدا أن الليزر الجديد يمثل نقلة نوعية بفضل قدرته على العمل بأوضاع تشغيل متعددة، وتصميمه المدمج، وكفاءته العالية، وأعرب عن تفاؤله بأن يصبح هذا الابتكار عنصرا محوريا في الأجهزة الطبية المستقبلية.

دور محوري

تأتي هذه المبادرة في إطار رؤية أبوظبي لبناء اقتصاد معرفي يقوم على الأبحاث التطبيقية والشراكات الدولية، فهي لا تكتفي بتمويل الأبحاث الرائدة، بل تركز على تحويلها إلى حلول عملية تعزز من تنافسيتها على الساحة العالمية. 

ومن خلال هذا المشروع، تؤكد الإمارة التزامها بدعم الصناعات المستقبلية وتوفير بيئة حاضنة للتقنيات الناشئة، بما يرسخ مكانتها كمحور عالمي للتكنولوجيا المتقدمة.

ويجمع الخبراء على أن نجاح هذه التجربة سيمنح الإمارات تفوقا استراتيجيا في قطاع التكنولوجيا الحيوية والصناعية، ويعزز من قدرتها على قيادة الابتكارات ذات التأثير العالمي. 

ومع هذا التطور، تصبح أبوظبي لاعبا رئيسيا في صياغة مستقبل تكنولوجيا الليزر، ليس فقط كوجهة للبحث، وإنما كمركز لتطبيقاته العملية في ميادين حيوية.