نظام Delphi-2M يفتح آفاقًا جديدة في الطب الوقائي باستخدام الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي
ياسين عبد العزيز
يشهد العالم الطبي نقلة نوعية غير مسبوقة مع تطوير نظام ذكاء اصطناعي جديد قادر على التنبؤ بخطر الإصابة بأكثر من ألف مرض مختلف قبل ظهور الأعراض بعقود، فقد نجح فريق بحثي دولي في ابتكار منظومة طبية تحمل اسم Delphi-2M، يمكنها تحليل السجلات الصحية للأفراد والتنبؤ بإصابتهم المحتملة بالأمراض قبل وقوعها بعشرين عامًا، بدقة مذهلة وصلت إلى 76% في التوقعات القصيرة المدى وقرابة 70% في التوقعات طويلة الأجل.
خوارزمية مبتكرة
جاء هذا الابتكار ليغيّر المفهوم التقليدي للتشخيص الطبي، إذ لا يقتصر على مرض واحد كما تفعل الأدوات التقليدية، بل يقدم تقييمًا شاملًا لمخاطر الإصابة بعدة أمراض في وقت واحد.
ويعتمد Delphi-2M على فكرة مشابهة لتقنيات معالجة اللغة في النماذج اللغوية الكبرى، مثل تلك التي تستخدمها أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، ولكن بدل الكلمات، يتعامل مع رموز طبية تمثل التاريخ الصحي للمريض.
فكل تشخيص يسجّل في السجل الطبي يُحوّل إلى رمز محدد يُرفق بالعمر الذي شُخص فيه، ويقوم النظام بقراءة هذه السلسلة وتحليلها لتوقّع المرض التالي وموعد ظهوره المحتمل.
وعلى سبيل المثال، إذا كان المريض في الستين من عمره ويعاني من السكري وارتفاع ضغط الدم، فقد يتنبأ النظام بأن خطر إصابته بسرطان البنكرياس أعلى بـ19 مرة من الشخص السليم، كما يقدّر احتمال وفاته عند الإصابة بالسرطان بمعدل يصل إلى 10,000 مرة أكثر من المتوسط العام.
أداء مقارن
تم بناء النموذج على بنية المحولات (Transformers)، وهي نفس التقنية التي أحدثت ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي، وتتيح له تحليل الترابطات بين البيانات الطبية المعقدة، ويشمل ذلك عوامل نمط الحياة مثل التدخين، ومؤشر كتلة الجسم، والموقع الجغرافي، والعوامل الوراثية.

وقد أظهرت التجارب المقارنة مع أنظمة طبية أخرى تعتمد على التعلم الآلي نتائج متقاربة من حيث الدقة، لكنها أقل شمولًا.
فعلى سبيل المثال، سجل النظام قيمة 0.70 في توقع أمراض القلب، مقابل 0.69 لأداة AutoPrognosis و0.71 لأداة QRisk3، بينما حقق 0.81 في توقع الخرف، وهي نفس النتيجة التي تحققها أداة UKBDRS، إلا أن ما يميّز Delphi-2M هو قدرته على تقدير المخاطر الصحية المتعددة بشكل متزامن، في حين تركز الأنظمة التقليدية على مرض واحد فقط.
تحديات مستقبلية
ورغم هذا التقدم، لا يخلو النظام من قيود تقنية وتطبيقية، أبرزها انخفاض دقة التنبؤات طويلة الأجل التي تمتد لعقدين من الزمن، إذ تتراوح نسبتها بين 60% و70% فقط.
كما يواجه صعوبة في التعامل مع الأمراض النادرة أو ذات الصلة بالعوامل البيئية، وذلك لاعتماده على قاعدة بيانات من البنك الحيوي البريطاني (UK Biobank)، وهو ما يفرض الحاجة لتوسيع نطاق الدراسات لتشمل عينات من مجتمعات مختلفة حول العالم.
لكن الباحثين يرون أن هذه التحديات قابلة للحل مع الوقت، عبر تغذية النظام ببيانات جديدة وتطوير خوارزميات أكثر دقة لتوقع أنماط الإصابة المعقدة.
وتؤكد الدراسة، المنشورة في مجلة Nature بتاريخ 17 سبتمبر، أن هذا النظام ليس مجرد أداة تنبؤية، بل يمكن أن يصبح ركيزة أساسية في الطب الوقائي في المستقبل القريب.
آفاق طبية
يتوقع الخبراء أن يُحدث Delphi-2M ثورة في التشخيص المبكر والطب الوقائي، إذ يمكن استخدامه لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، مما يتيح للأطباء التدخل مبكرًا قبل تطور الحالة، وتخصيص الخطط العلاجية والوقائية وفقًا لكل مريض على حدة.
كما يمكن دمجه في أنظمة الرعاية الصحية الإلكترونية، ليُحدث تحديثًا دوريًا للتوقعات بناءً على البيانات الجديدة التي تضاف إلى السجل الطبي.
ولا يقتصر أثر النظام على المجال الطبي فقط، بل يمتد ليشمل شركات الأدوية التي يمكنها استخدام بياناته لتطوير استراتيجيات بحثية دقيقة، وكذلك شركات التأمين التي ستتمكن من تحديد المخاطر الصحية بشكل أكثر واقعية.
ومع ذلك، تبقى مسألة حماية الخصوصية من أكبر التحديات أمام تطبيق هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الصحية، إلى جانب الحاجة لضمان توافقه مع التشريعات الطبية والأخلاقية المعمول بها عالميًا.
في نهاية المطاف، يبدو أن مشروع Delphi-2M يمهد الطريق لعصر جديد من الطب التنبؤي، حيث يمكن للأطباء أن يعرفوا الأمراض قبل أن يعرفها الجسد نفسه، وهو ما قد يغيّر جذريًا الطريقة التي ننظر بها إلى الصحة والوقاية في المستقبل.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً