الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

08:23 ص

الصين تنشئ أول مركز بيانات تحت الماء يعمل بطاقة الرياح في العالم

مركز بيانات تحت الماء

مركز بيانات تحت الماء

A A

أعلنت الصين رسميًا عن اكتمال بناء أول مركز بيانات تحت الماء يعتمد بالكامل على طاقة الرياح في مدينة لينغانغ الساحلية، في خطوة تمثل تحولًا كبيرًا في مفهوم البنية التحتية الرقمية المستدامة، وتهدف إلى الحد من التأثيرات البيئية التي تسببت بها مراكز البيانات التقليدية المنتشرة على اليابسة. 

وتبلغ قيمة المشروع نحو 1.6 مليار يوان أي ما يعادل 226 مليون دولار أمريكي، ليصبح أول منشأة من نوعها تجمع بين الطاقة النظيفة والتقنيات المغمورة في المياه العميقة.

تحديات بيئية

تعاني مراكز البيانات في العالم من مشكلات بيئية متزايدة، إذ يستهلك المركز الواحد ما بين 3 إلى 7 ملايين جالون من المياه يوميًا لتبريد الخوادم، وغالبًا ما تكون هذه المياه صالحة للشرب، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة المياه في المدن القريبة. 

كما تعتمد أغلب هذه المراكز على محطات توليد تعمل بالوقود الأحفوري، وهو ما يرفع من معدلات انبعاث الغازات الملوثة التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب، وتؤدي إلى تفاقم التغير المناخي على نطاق واسع.

وبينما تتجه بعض الدول نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية في تشغيل مراكز البيانات، اختارت الصين نموذجًا مختلفًا، حيث دمجت تقنيات الطاقة البحرية وطاقة الرياح مع البنية التحتية الرقمية في بيئة مائية مغلقة، مما يتيح تبريدًا طبيعيًا يقلل الحاجة إلى استخدام المياه أو أجهزة التبريد الصناعية.

ابتكار هندسي

يأتي المركز بتصميم مبتكر يعتمد على وحدات مغمورة تحت سطح الماء قادرة على العمل في بيئة ذات ضغط مرتفع ودرجة حرارة منخفضة، ما يساعد على تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 22.8% مقارنة بالمراكز البرية. 

وتقول اللجنة الإدارية في لينغانغ إن المركز سيغطي أكثر من 95% من احتياجاته الكهربائية من مصادر طاقة الرياح البحرية، كما سيخفض استخدام المياه بنسبة 100%، ويوفر نحو 90% من المساحة التي تحتاجها المنشآت التقليدية على الأرض.

ويمتلك المشروع قدرة تشغيلية تبلغ 24 ميجاواط، تكفي لتشغيل آلاف الخوادم عالية الأداء المخصصة لمعالجة البيانات الضخمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعله نموذجًا رائدًا لتقنيات الحوسبة الخضراء في العالم.

مستقبل مستدام

يرى خبراء الصناعة أن هذا النموذج يمكن أن يغيّر مستقبل إدارة البيانات عالميًا، إذ يتيح للصين التقدم في تطوير بنية تحتية رقمية صديقة للبيئة في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الطاقة لتشغيل الخوادم التي تدعم الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية. 

كما أن الجمع بين الطاقة المتجددة والموقع البحري يقلل من البصمة الكربونية بنسبة كبيرة، ويجعل التشغيل أكثر استقرارًا بفضل درجات الحرارة المنخفضة تحت سطح البحر.

وتتوقع السلطات المحلية أن يسهم المشروع في جذب استثمارات جديدة في قطاع الحوسبة البحرية، وأن يصبح نموذجًا يمكن تكراره في مدن ساحلية أخرى مثل شينزن وهاينان، خاصة مع توجه الصين نحو تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري ضمن خطتها الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وبحسب التقارير الأولية، فإن المركز تم تصميمه ليعمل دون الحاجة إلى صيانة مكثفة لفترات طويلة، مع إمكانية مراقبته عن بُعد من خلال أنظمة ذكية متصلة بالأقمار الصناعية، وهو ما يقلل من تكلفة التشغيل ويرفع الكفاءة التشغيلية.

ويقول محللون إن نجاح هذا المشروع قد يدفع شركات التكنولوجيا العالمية مثل مايكروسوفت وغوغل إلى دراسة تطبيق نموذج مماثل في المياه الدولية، خصوصًا بعد التجارب المحدودة السابقة التي أجريت في اسكتلندا في عام 2018.

الصين بهذه الخطوة لا تبني مجرد مركز بيانات جديد، بل تضع حجر الأساس لحقبة جديدة من البنية التحتية الرقمية المستدامة، التي تمزج بين الابتكار التكنولوجي والمسؤولية البيئية، وتؤكد موقعها الريادي في قيادة التحول العالمي نحو طاقة نظيفة تدعم الاقتصاد الرقمي الآمن والمستقر.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً