الأربعاء، 05 نوفمبر 2025

02:54 م

مصر تعزز مكانتها كممر رقمي عالمي لبيانات الإنترنت بين القارات الثلاث

الكابلات البحرية

الكابلات البحرية

ياسين عبد العزيز

A A

تواصل مصر ترسيخ موقعها المحوري في خريطة الاتصالات الدولية، بعدما أصبحت واحدة من أهم نقاط الربط في شبكة الإنترنت العالمية، إذ تمر عبر أراضيها ومياهها الإقليمية ما يقرب من 18 كابلًا بحريًا دوليًا، تنقل أكثر من 90% من حركة البيانات بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، لتصبح البلاد حلقة الوصل الأساسية بين القارات الثلاث، بفضل موقعها الجغرافي الممتد من البحر الأبيض المتوسط شمالًا إلى البحر الأحمر جنوبًا، وهو ما جعلها محورًا لا غنى عنه في البنية التحتية الرقمية العالمية، تضاهي أهميتها اليوم ممرات النفط والغاز من حيث القيمة الاقتصادية والتكنولوجية.

عبور البيانات

وتكشف تقارير حديثة صادرة عن شركة TeleGeography أن الكابلات المارة عبر الأراضي والمياه المصرية تنقل ما يزيد على 1.3 تيرابايت من البيانات في الثانية، وهو معدل ضخم يضع مصر ضمن أكثر خمس نقاط ازدحامًا بحركة البيانات حول العالم، بما يجعلها شريانًا حيويًا لشبكات الإنترنت الدولية. 

وتشارك في تشغيل تلك الكابلات البحرية مجموعة من أكبر الشركات التقنية العالمية، من بينها “جوجل”، و“ميتا”، و“أورانج”، إلى جانب “المصرية للاتصالات” التي تضطلع بدور المشغل المحلي المسؤول عن إدارة الجزء الأكبر من البنية التحتية الأرضية لهذه الشبكات.

وتشير التقديرات إلى أن الموقع الاستراتيجي لمصر على مفترق طرق القارات الثلاث، جعلها نقطة مرور لا يمكن الاستغناء عنها، إذ تربط الكابلات المنطلقة من آسيا عبر البحر الأحمر بالمتوسط وصولًا إلى أوروبا، ما يقلل المسافات الزمنية في انتقال البيانات ويضمن سرعة الاتصال وجودته، وهو ما يمثل عاملًا جاذبًا للشركات العالمية التي تبحث عن بنية اتصالية مستقرة وآمنة.

مشروعات توسعية

وفي إطار رؤيتها لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تستثمر مصر حاليًا في تنفيذ مجموعة من المشاريع التوسعية الضخمة لزيادة قدرتها الاستيعابية في مجال نقل البيانات، أبرزها مشروع “HARP” التابع لشركة المصرية للاتصالات، والذي يهدف إلى إنشاء كابل حلقي ضخم يربط القارة الإفريقية بالقارة الأوروبية عبر البحرين الأحمر والمتوسط، ما يعزز من مرونة الشبكات الدولية واستقرارها في مواجهة الأعطال الطارئة.

كما تعمل الدولة على تنفيذ مشروع “SEA ME WE 6” بالتعاون مع تحالف دولي يضم شركات من اليابان وفرنسا والهند، بهدف تدعيم الربط بين الشرق والغرب عبر أحدث تقنيات الألياف الضوئية، وهو ما يُتوقع أن يرفع الطاقة الاستيعابية لشبكات الإنترنت العابرة لمصر بشكل غير مسبوق، ويجعلها أكثر قدرة على تلبية الطلب المتزايد على خدمات البيانات الدولية خلال السنوات المقبلة.

مركز رقمي عالمي

وتأتي هذه الجهود في سياق خطة وطنية طموحة تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمركز عالمي للبيانات وتكنولوجيا الاتصالات، ضمن استراتيجية التحول الرقمي 2030 التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. 

ووفقًا لتقارير رسمية، فقد تجاوزت عائدات عبور الكابلات الدولية عبر مصر 7 مليارات جنيه سنويًا خلال عام 2024، مع توقعات بارتفاعها بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2026، بفضل اكتمال المشروعات الجديدة وافتتاح المزيد من نقاط الربط الدولية.

ويؤكد خبراء الاتصالات أن هذه المشروعات ستجعل من مصر ليس فقط ممرًا للبيانات، بل مركزًا لتخزينها ومعالجتها أيضًا، حيث تعمل الحكومة على إنشاء مراكز بيانات ضخمة بالقرب من نقاط إنزال الكابلات في البحرين الأحمر والمتوسط، لتقديم خدمات الحوسبة السحابية والاستضافة الرقمية للشركات العالمية.

ومع تزايد أهمية الإنترنت في الاقتصاد العالمي، أصبحت الكابلات البحرية أحد أعمدة الأمن القومي الرقمي لأي دولة، إذ تُعد الشرايين التي تنقل المعلومات الحيوية بين القارات. 

ومن هذا المنطلق، تستمر مصر في الاستثمار في بنيتها التحتية الرقمية، مدركة أن موقعها الجغرافي الفريد يمنحها فرصة ذهبية لتكون محور الاتصالات العالمي في القرن الحادي والعشرين، بما يضعها في مصاف الدول الرائدة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً