الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

01:10 م

ابتكار طبي يتنبأ بالأمراض الوراثية عبر تحليل الطفرات الجينية

الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي

الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي

A A

نجح فريق بحثي مرموق من كلية إيكان للطب بمستشفى ماونت سيناي الأمريكي، في تطوير أداة تقنية ثورية تعتمد على الذكاء الاصطناعي المتطور، تهدف إلى تحليل الطفرات الجينية بدقة فائقة للتنبؤ بنوعية الأمراض المستقبلية، مما يمثل حجر زاوية جديد في مسار الطب الدقيق وتطوير آليات التشخيص المبكر والفعال.

تستهدف هذه الخطوة العلمية غير المسبوقة تعزيز قدرة الأطباء على فهم الأمراض الوراثية المعقدة، وفتح آفاق واسعة أمام التعامل مع الحالات الطبية النادرة التي كانت تستعصي على الفهم سابقاً، عبر تقديم قراءات استشرافية دقيقة تحول البيانات الجينية الصماء إلى مسارات علاجية واضحة ومحددة.

تعمل الأداة الجديدة التي أطلق عليها الباحثون اسم V2P أو "المنمط الظاهري للمتغير"، على ربط المتغيرات الجينية بالنتائج المرضية المحتملة بشكل مباشر ومنطقي، لتتجاوز بذلك قصور الأدوات التقليدية التي كانت تكتفي بتصنيف الطفرات الجينية، بين ضارة أو غير ضارة دون تحديد طبيعة المرض الناتج عنها.

دقة التشخيص

نشرت مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" العالمية نتائج الدراسة الجينية المكثفة والاختبارات الميدانية، حيث أظهرت الأداة قدرة فائقة على تحليل كميات ضخمة من البيانات الجينية المعقدة، وربطها بأنماط مرضية محددة بدقة مذهلة تعكس التطور الكبير في خوارزميات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي.

أكد ديفيد شتاين المؤلف الرئيسي للدراسة أن الابتكار يساعد في تضييق نطاق البحث الطبي، عبر تحديد الطفرات الأكثر ارتباطاً بالحالات المرضية عوضاً عن إهدار الوقت في فحص آلاف الاحتمالات، مما يساهم في تحسين جودة التشخيص وتقليص الزمن اللازم للوصول إلى نتائج طبية موثوقة.

زود الباحثون الأداة بقاعدة بيانات واسعة تضم طفرات جينية متنوعة خلال مراحل التدريب الأولية، كما خضعت لاختبارات حقيقية على بيانات مرضى تم إخفاء هويتهم المرضية تماماً، حيث نجحت الأداة في تحديد الطفرة المسؤولة عن المرض في أغلب الحالات، مما يثبت فعاليتها الكبيرة والعملية.

تطوير الأدوية

يمتد تأثير هذا الابتكار التقني ليشمل قطاعات أبحاث تطوير الأدوية والعلاجات الجينية الموجهة، حيث يرى الباحث أفنر شليسنجر أن الأداة توفر رؤى جينية دقيقة تساعد الشركات العالمية، في تحديد الجينات المرتبطة بأمراض معينة لتصميم عقاقير تستهدف الآليات الجزيئية الأساسية للمرض والمسببة له.

يساهم هذا الربط المباشر بين التغيرات الجينية والنتائج المتوقعة في تقديم حلول علاجية مبتكرة، خاصة في الحالات الطبية النادرة التي تفتقر حتى الآن إلى خيارات علاجية فعالة، مما يمنح أملاً جديداً لملايين المرضى حول العالم الذين يعانون من اضطرابات وراثية مزمنة وصعبة.

تصنف الأداة في مرحلتها الحالية الطفرات ضمن فئات مرضية عامة كالأورام أو اضطرابات الأعصاب، بينما يعكف الفريق البحثي حالياً على تطويرها لتقديم تنبؤات أكثر تفصيلاً ودقة، عبر دمجها مع مصادر بيانات إضافية تعزز من دورها في اكتشاف الأدوية الحديثة والقائمة على البيانات الجينية.

الطب الدقيق

يمثل هذا التطور العلمي خطوة عملاقة نحو تحقيق المفهوم الشامل والواقعي للطب الدقيق، والذي يسعى لتصميم بروتوكولات علاجية تتوافق مع الخصائص الجينية الفريدة لكل مريض على حدة، مما يرفع من نسب الشفاء ويقلل من الأعراض الجانبية الناتجة عن العلاجات التقليدية والعشوائية.

أوضح الباحث المشارك يوفال إيتان أن فهم كيفية تحول الطفرات الوراثية إلى أمراض فعلية، يساهم بشكل مباشر في تحديد أولويات البحث العلمي وتوجيه الجهود نحو الاكتشافات البيولوجية الأكثر أهمية، مما يسرع من عملية الانتقال من المختبرات البحثية إلى الحلول العلاجية الميدانية والمبتكرة.

تستمر الجهود البحثية في مستشفى ماونت سيناي لدمج هذه التقنيات ضمن المنظومات الصحية العالمية، لضمان استفادة أكبر عدد من البشر من هذه الطفرة الرقمية في علم الجينات، والتي تعد بتغيير وجه الطب الحديث وجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات الوراثية المعقدة والمستقبلية.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً