الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

01:15 م

ثورة الذكاء الاصطناعي توفر مليارات الجنيهات وترقمن الخدمات الحكومية بمصر

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

A A

تتسارع خطى المؤسسات الحكومية في مصر نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتشهد البلاد تحولاً جذرياً في فلسفة الإدارة العامة وإعادة هندسة الإجراءات التقليدية، حيث تهدف هذه التحركات الاستراتيجية إلى تقليل الاعتماد على العمل اليدوي، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي عبر استثمارات ضخمة تجاوزت قيمتها خمسة عشر مليار جنيه، ضختها الدولة منذ عام ألفين وواحد وعشرين لتأسيس بنية تحتية رقمية تليق بالجمهورية الجديدة.

أسهمت هذه الجهود المكثفة في رقمنة أكثر من مائة وثمانين خدمة حكومية حيوية، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، وهو ما انعكس بشكل مباشر وملموس على تقليص زمن إنجاز المعاملات الرسمية بنسبة بلغت ستين بالمائة، مما وفر مجهوداً شاقاً على المواطنين والموظفين على حد سواء، وساهم في خلق بيئة عمل أكثر شفافية وسرعة ونزاهة، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية التي ميزت العقود الماضية.

تعتمد الدولة في رؤيتها الحالية على دمج الخوارزميات الذكية في صلب العمليات الإدارية، لضمان استمرارية تقديم الخدمات بكفاءة عالية على مدار الساعة وبدون توقف، وهو توجه يعكس إدراكاً عميقاً بأهمية التكنولوجيا كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، ووسيلة فعالة للارتقاء بجودة الحياة اليومية للمواطن المصري، وتوفير الموارد المالية المهدرة في الأنظمة الورقية القديمة والمتهالكة وغير المجدية.

عوائد ضريبية

يبرز قطاع الضرائب والجمارك كأحد أكثر المجالات استفادة من أتمتة الإجراءات المعقدة، إذ تعتمد مصلحة الضرائب حالياً على أنظمة ذكية قادرة على تحليل الإقرارات الضريبية بدقة متناهية، واكتشاف حالات التهرب الضريبي عبر مقارنة البيانات الضخمة وفحص الثغرات المالية المحتملة، مما عزز من قدرة الدولة على تحصيل حقوقها المالية بشكل عادل وشفاف ومنظم، بعيداً عن التدخلات البشرية التي قد تشوبها الأخطاء.

تشير التقديرات الرسمية الموثقة إلى أن استخدام هذه الخوارزميات المتطورة، ساهم بفعالية في زيادة الحصيلة الضريبية بنسبة تقارب ثمانية عشر بالمائة خلال عام واحد فقط، وهو ما يعادل قيمة مالية تتجاوز سبعين مليار جنيه، في حين انخفضت تكلفة الفحص اليدوي المجهد بنسبة بلغت أربعين بالمائة، مما يثبت الجدوى الاقتصادية العالية للاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليل الرقمي للبيانات.

تساعد هذه الأنظمة الذكية في بناء قواعد بيانات متكاملة ومترابطة بين مختلف الجهات، مما يسهل من عملية تتبع التدفقات المالية وتدقيق المعاملات التجارية الكبرى والصغرى، ويمنح صانع القرار رؤية واضحة حول خريطة الإيرادات العامة، ويقلل من فرص التلاعب أو التحايل القانوني، ويضمن في نهاية المطاف تعظيم موارد الدولة واستغلالها في مشاريع التنمية والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية.

كفاءة الإنفاق

تتعاون وزارة المالية بشكل وثيق مع كبرى شركات البرمجيات العالمية مثل "ساب" وأوراكل، لتطبيق أدوات تحليل البيانات الضخمة التي تسمح بإعداد سيناريوهات دقيقة لتوزيع الموازنة العامة، مما أدى إلى خفض المصروفات التشغيلية لبعض الجهات الحكومية بنسبة تراوحت بين عشرة واثني عشر بالمائة، نتيجة التخطيط السليم القائم على الأرقام والنتائج الواقعية بدلاً من التقديرات التقليدية غير الدقيقة.

مكنت هذه الأدوات البرمجية المتقدمة المسؤولين من توجيه الموارد المالية المتاحة، نحو القطاعات الأكثر احتياجاً والأكثر تأثيراً في حياة الناس، عبر تقليل الهدر الناتج عن ازدواجية البيانات أو سوء توزيع الاعتمادات المالية بين الهيئات، وهو ما يمثل نقلة نوعية في إدارة المال العام تضمن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من كل جنيه يُنفق في سبيل التطوير المؤسسي والخدمي.

تستمر الحكومة في توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي ليشمل قطاعات الصحة والتعليم والنقل، حيث تساهم هذه التقنيات في مراقبة جودة الإنفاق وضمان وصول الدعم والموارد لمستحقيها، مما يعزز من كفاءة الجهاز الإداري للدولة ويجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، عبر تبني حلول تكنولوجية مبتكرة تضغط التكاليف وترفع من معدلات الإنتاجية والتحصيل والأداء العام.

جودة الخدمة

انعكست التحولات المؤسسية الأخيرة بشكل إيجابي وغير مسبوق على حياة المواطن المصري، حيث ساهم تسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء الإدارية في تحسين جودة الخدمات العامة المقدمة، دون الحاجة لتحميل موازنة الدولة أي أعباء إضافية تذكر، بل على العكس تماماً فقد انخفض متوسط تكلفة تقديم الخدمة الواحدة بنسبة وصلت إلى خمسة وعشرين بالمائة بعد تطبيق الأنظمة الرقمية الذكية.

تؤكد التقارير الحكومية أن هذا التحسن الملحوظ يعادل توفيراً سنوياً يُقدر بمليارات الجنيهات، وهو ما يثبت للجميع أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف تقني أو صيحة عابرة، بل هو أداة اقتصادية فعالة لا غنى عنها لإدارة شؤون الدولة الحديثة، وتحقيق الرفاهية للمجتمع عبر استغلال الموارد الرقمية المتاحة في تحسين مستوى المعيشة وتطوير المرافق والخدمات.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً