الذكاء الاصطناعي يتفوق على الشعراء.. كيف غلبت الآلة الإبداع الإنساني؟

في تطور مثير قد يعيد صياغة العلاقة بين الإبداع البشري والتكنولوجيا، كشفت دراسة علمية نشرتها مجلة Nature أن الذكاء الاصطناعي قد تجاوز التوقعات، بل وتفوّق على البشر في إنتاج الشعر. 

وفقًا للدراسة، لم يتمكن المشاركون من التفريق بين القصائد التي كتبها شعراء مشهورون وأخرى أبدعها نموذج ChatGPT 3.5، بل فضلوا في بعض الحالات قصائد الذكاء الاصطناعي على نظيراتها البشرية.

تفاصيل الدراسة

أُجريت الدراسة في الولايات المتحدة واستندت إلى مجموعة من القصائد الكلاسيكية لشعراء عظماء من مختلف العصور، تمتد أعمالهم على مدار 700 عام. 

في المقابل، قام الباحثون بتكليف نموذج ChatGPT 3.5 بكتابة قصائد بأسلوب هؤلاء الشعراء، دون أي تدخل بشري يؤثر على النصوص المُنتَجة.

تم تقسيم الدراسة إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى: التمييز بين البشري والآلي
شملت التجربة الأولى مشاركة 1634 شخصًا، حيث قُدمت لهم عشر قصائد (خمس من الذكاء الاصطناعي وخمس من الشاعر البشري). طُلب منهم تحديد مصدر كل قصيدة، سواء كانت من كتابة إنسان أم من إنتاج آلة. 

المفاجأة كانت أن غالبية المشاركين اعتقدوا أن القصائد الآلية أكثر "بشرية" من القصائد الأصلية التي كتبها الشعراء أنفسهم.

المرحلة الثانية: تقييم الجودة والأصالة
تضمنت المرحلة الثانية نحو 700 مشارك تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، حيث طُلب منهم تقييم القصائد بناءً على 14 معيارًا مختلفًا، من بينها: جودة النص، الجمال الشعري، الإحساس بالعاطفة، الإيقاع، والأصالة. كانت النتائج واضحة:

• المجموعة التي لم تكن تعرف مصدر القصائد فضلت بشكل كبير الأعمال الناتجة عن الذكاء الاصطناعي.
• في حين أن المجموعات التي أُبلغت بأن النصوص من إنتاج الذكاء الاصطناعي قللت من تقييمها لها، مما يشير إلى تحيز ضد الأعمال الآلية عندما يُعرف مصدرها.

أسباب تفضيل الشعر الآلي

أشار الباحثون إلى أن أحد العوامل الرئيسية التي دفعت المشاركين لتفضيل قصائد الذكاء الاصطناعي هو بساطة النصوص وسهولة فهمها، هذه البساطة جعلت النصوص أكثر قربًا للقراء، حيث يميل البشر أحيانًا إلى النفور من التعقيد الذي يطبع الكثير من الشعر الكلاسيكي.

تُبرز هذه الدراسة تطور الذكاء الاصطناعي إلى مستويات مذهلة، حيث بات قادرًا على محاكاة أحد أعقد أشكال الإبداع البشري، وهو الشعر. 

والجدير بالذكر أن النموذج المستخدم في هذه الدراسة هو نسخة قديمة نسبيًا، ChatGPT 3.5 المجاني، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما يمكن أن يحققه الجيل الأحدث من النماذج مثل GPT-4.

بينما يرى البعض أن هذه النتائج تمثل فرصة لاستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تعزز الإبداع، يعبر آخرون عن مخاوفهم من أن تضعف هذه التطورات مكانة الأدب البشري التقليدي، بل وربما تهدد مهن الأدباء والكتاب على المدى البعيد.

في ظل هذا التقدم، يبدو أن الأدب في عصر الذكاء الاصطناعي لن يظل حكرًا على البشر فقط، بل سيصبح مجالًا مشتركًا بين الإنسان والآلة، وهو تطور قد يُعيد تعريف الإبداع كما نعرفه.