الأربعاء، 24 ديسمبر 2025

12:34 ص

خارطة طريق الذكاء الاصطناعي في 2026 وتحولات القوى التقنية

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

أعلنت شركة "OpenAI" حالة الطوارئ القصوى داخل أروقتها مع مطلع هذا الشهر، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة توجيه كافة فرقها لمواجهة الزحف التقني لشركة جوجل، ليعيد هذا المشهد للأذهان ما حدث قبل ثلاثة أعوام حينما كانت جوجل هي من تقرع أجراس الإنذار للحاق بمنافستها الصاعدة، مما يشير إلى صراع محتدم سيهيمن على المشهد التكنولوجي العالمي خلال العام القادم والمبشر بتحولات جذرية.

يفتح هذا التحول المثير في أدوار القوى التقنية باب التساؤلات حول احتمالية اتجاه "OpenAI" لخفض عدد موظفيها مطلع العام المقبل، خاصة في ظل التوسع السريع وتعدد جبهات المنافسة التي تخوضها الشركة حالياً، ومن هذا المنطلق بدأت تتشكل ملامح عام ألفين وستة وعشرين في عالم الذكاء الاصطناعي، لتتوزع التوقعات بين السياسة والاقتصاد ومستقبل سوق العمل وحدود الخصوصية البشرية الرقمية.

تتجه الأنظار في عام ألفين وستة وعشرين نحو تحول المؤتمرات التقنية الكبرى إلى منصات لاستعراض الروبوتات المدعومة بنماذج لغوية متقدمة للغاية، حيث تعمل شركات عالمية مثل جوجل منذ سنوات على تدريب هذه الروبوتات لأداء المهام المنزلية المعقدة، ومن المتوقع أن يؤدي دمج أنظمة شبيهة بـ "ChatGPT" مع الأجهزة المادية إلى تقليل فترات التدريب الطويلة وزيادة دقة التنفيذ بشكل مذهل ومبهر.

ثورة الروبوتات

يرى الخبراء أن الحد التالي لتطور النماذج اللغوية يكمن في تعاملها المباشر مع العالم المادي المحيط بها، من خلال قدرتها على فهم الكتيبات الإرشادية والتعلم المباشر من مقاطع الفيديو واستيعاب الرسوم الهندسية المعقدة، ومع ذلك ستظل عروض عام ألفين وستة وعشرين في إطار التجارب والاستعراضات التقنية، إذ يتطلب الطرح التجاري اختبارات صارمة جداً لتجنب أي أضرار مادية أو بشرية محتملة.

شهد مطلع العام الحالي صدمة في الأسواق بعدما أثبتت شركة صينية ناشئة أن بناء أنظمة ذكاء اصطناعي فعالة لا يتطلب دائماً رقاقات باهظة الثمن، ومع أن موجة القلق في البورصات كانت قصيرة الأمد إلا أن عام ألفين وستة وعشرين قد يشهد تصحيحاً أوسع للفقاعة الاستثمارية، حيث ستسعى الشركات الكبرى لإعادة تقييم مشروعاتها وتقليص النفقات في القطاعات التي لم تحقق النجاحات المرجوة منها.

تضاعف عدد موظفي "OpenAI" خمس مرات ليصل إلى نحو أربعة آلاف وخمسمائة موظف خلال عامين فقط، وهو توسع قد يواجه إعادة هيكلة محتملة لفتح الباب أمام أول تسريحات كبيرة في تاريخ الشركة، ورغم ذلك تؤكد الإدارة أنها ما زالت تعمل بروح الفريق الصغير وتبدي حماسة لمواصلة التوظيف وبناء منتجات ثورية وجديدة، تضمن لها البقاء في طليعة المبتكرين في قطاع الرقاقات والبرمجيات الذكية.

وكلاء أذكياء

ينتشر مفهوم "الذكاء الاصطناعي الوكيلي" القادر على أتمتة مهام خدمة العملاء والعمليات الإدارية بشكل كامل، مما يثير مخاوف الموظفين من لجوء الشركات لبرامج مراقبة تسجل النشاط الرقمي لتدريب هذه الأنظمة المستقلة، ويسبب هذا التوجه قلقاً مضاعفاً لا يتعلق فقط بتهديد الوظائف التقليدية، بل يمتد ليشمل احتمالات جمع بيانات شخصية وحساسة دون موافقة صريحة من العاملين والكوادر البشرية.

حققت البرمجيات الذكية التي تستمع إلى الاجتماعات والمكالمات عبر الحاسوب انتشاراً لافتاً في الأوساط المهنية، رغم إخفاق بعض الأجهزة القابلة للارتداء التي تعتمد على تسجيل الصوت بشكل دائم ومستمر، وتثير هذه الأدوات أسئلة قانونية وأخلاقية شائكة حول آداب التعامل الرقمي وتأثير الذكاء الاصطناعي على أطراف ثالثة، مما قد يدفع المحاكم لإصدار أحكام تنظم هذه العلاقة الرقمية المعقدة.

يتوقع خبراء القانون أن تتصدر قضايا الخصوصية المشهد خلال عام ألفين وستة وعشرين عبر دعاوى قضائية كبرى، مما سيجبر الشركات التقنية على وضع ضوابط أوضح لاستخدام تقنيات التنصت والتحليل البرمجي، لضمان حماية بيانات المستخدمين ومنع حوادث الاختراق التي قد تودي بسمعة المنصات الرائدة، وتؤدي إلى فقدان ثقة الجمهور في الأدوات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحليلي.

تنقل ذاتي

تتجه خدمات سيارات الأجرة ذاتية القيادة "روبوتاكسي" في الصين والولايات المتحدة نحو توسع ملحوظ ومدروس، مع خطط لزيادة عدد الرحلات والمدن المشمولة بهذه الخدمة تمهيداً للتوسع الدولي في القارات الأخرى، وتشير البيانات الحالية إلى أن هذه المركبات نادراً ما تكون السبب الرئيسي في الحوادث المرورية، مقارنة بالأخطاء البشرية الفادحة أو أنظمة القيادة شبه الذاتية التي تفتقر للدقة الكاملة.

يُرجح أن تحافظ "الروبوتاكسي" على سجل خالٍ من الكوارث الكبرى خلال عام ألفين وستة وعشرين بفضل السرعات المنخفضة والرقابة الصارمة، إذ تمتلك الشركات حوافز قوية لتجنب الأخطار التي قد توقف مشاريعها المليارية في مهدها، وبذلك سيتحول التنقل الذاتي من مجرد تجربة علمية إلى واقع ملموس يغير وجه النقل الحضري في المدن الذكية والكبرى التي تتبنى التكنولوجيا الحديثة.

لن يكون التحدي الحقيقي في العام القادم هو تطوير نماذج أكثر ذكاءً فحسب بل في إدارة تبعات هذا التطور، حيث ستواجه الشركات ضغوطاً موازنة بين الربحية الاقتصادية وبين حماية الخصوصية وثقة المستخدمين النهائية، مع دخول هذا المجال الواعد مرحلة أكثر نضجاً وأقل اندفاعاً، مما يضمن تحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة بناء تخدم البشرية وتساهم في رقي المجتمعات وتطورها التقني والمعرفي.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً