الخميس، 01 مايو 2025

03:54 م

tru

الذكاء الاصطناعي وعلم الآثار… التطور التقني في فهم الحضارات القديمة

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

يشهد مجال علم الآثار تطورًا غير مسبوق بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يساهم بشكل كبير في تسريع عملية فهم الحضارات القديمة وتحليل النصوص الأثرية. 

لطالما كانت دراسة تاريخ الحضارات القديمة تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا لفك رموز اللغات القديمة أو تحديد مواقع الآثار المدفونة، لكن الذكاء الاصطناعي دخل بقوة ليغير هذا الواقع ويتيح للعلماء كشف المزيد من الأسرار التاريخية بشكل أسرع وأدق.

فك الرموز القديمة

تعتبر الكتابة المسمارية التي ابتكرها السومريون عام 3100 قبل الميلاد، واحدة من أقدم أنظمة الكتابة المعروفة، وقد تلتها النقوش المصورة في عام 4400 قبل الميلاد، ما يترك لنا إرثًا تاريخيًا هائلًا يتطلب فك رموزه. 

تتضمن الدراسات الأثرية أيضًا الكثير من المواد الأخرى مثل المقابر والتماثيل والهياكل المعمارية التي تحمل العديد من الرموز. 

ورغم أهمية هذه الاكتشافات، فإن قلة المواد المكتشفة وصعوبة تحليلها تمثل عقبة رئيسية أمام الباحثين، وهو ما جعل الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في تسريع وتحسين هذه الدراسات.

التقنيات الحديثة لتسهيل التحليل

تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تسهيل العديد من الجوانب في علم الآثار، ومنها تحليل اللغات القديمة التي تعاني من اختلافات لغوية كبيرة في المعاني والسياقات. 

تُمكن تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) من التعرف على الأنماط اللغوية في النصوص القديمة وتحليل الجمل بشكل أسرع، مما يساعد الباحثين على تسريع عملية الترجمة وفهم المعاني بدقة أكبر. 

من جهة أخرى، استطاع الباحثون من جامعة خليفة في أبوظبي استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأقمار الصناعية والتعرف على آثار مدفونة في صحراء الربع الخالي، وهو ما مكّنهم من تحديد المواقع الأثرية بدقة تصل إلى 50 سنتيمترًا فقط.

اكتشاف العادات القديمة

تعمل التقنيات الحديثة أيضًا على إعادة اكتشاف الحياة اليومية للمجتمعات القديمة من خلال دراسة الألعاب القديمة مثل تلك التي اكتُشفت في مقبرة من العصر البرونزي في مدينة شهر سوخته الإيرانية، إذ عُثر على أقدم لعبة لوحية في التاريخ بجانب جمجمة بشرية، ويبلغ عمر هذه القطعة الأثرية 4500 عام، هذه اللعبة التي تحتوي على لوحة دائرية وأربع قطع نرد تعد شاهدًا على العادات الاجتماعية والترفيهية في تلك الحقبة. 

ولإعادة بناء قواعد هذه الألعاب، يأتي دور الذكاء الاصطناعي في مشروع Digital Ludeme الذي يعيد صياغة قواعد الألعاب القديمة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يمكن من إعادة هذه الألعاب إلى الحياة مرة أخرى عبر الإنترنت.

تحليل النصوص التاريخية

من بين الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في علم الآثار، تأتي قدرته على تحليل النصوص التاريخية من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تستخدم لتحليل النصوص القديمة لاستنباط القيم والمشاعر السائدة في المجتمعات القديمة، إلا أن هذه الطريقة قد تكون محدودة نوعًا ما نظرًا لأن الكتابة كانت في الماضي حكراً على الفئات المتعلمة، ولكنها تظل مفيدة لفهم طريقة تفكير الشعوب القديمة.

تحديات الذكاء الاصطناعي في الآثار

على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية فهم الحضارات القديمة، فإنه لا يزال يواجه بعض التحديات مثل تحيزات البيانات والافتراضات غير الصحيحة التي قد تؤثر على النتائج، لذا، فإن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والإشراف البشري يعد أمرًا أساسيًا لضمان دقة الاكتشافات الأثرية وحمايتها من الأخطاء.

المستقبل الواعد للذكاء الاصطناعي في علم الآثار

في المستقبل، من المتوقع أن تتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر قدرة على فك رموز النصوص القديمة، تحديد المواقع الأثرية، وإعادة بناء تفاصيل الحياة اليومية للحضارات القديمة. 

كما سيعزز الذكاء الاصطناعي قدرة العلماء على استخراج معلومات دقيقة قد تكون قد فاتتهم في الماضي، قد يكون المستقبل مشرقًا في مجال علم الآثار بفضل هذه التطورات التقنية، لكن الأهم هو ضرورة الدمج بين الذكاء الاصطناعي والبشر للوصول إلى أفضل النتائج.

search

أكثر الكلمات انتشاراً