الأربعاء، 06 أغسطس 2025

04:27 م

tru

خبير عالمي: الذكاء الاصطناعي يخترع لغات غير مفهومة

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

أعرب العالم الكندي الشهير جيفري هينتون، المعروف بلقب "عراب الذكاء الاصطناعي"، عن تخوفه العميق من أن هذه الأنظمة باتت تقترب من تطوير لغات تواصل داخلية لا يستطيع حتى مطوروها أو مبرمجوها فهمها أو مراقبتها، ما يفتح أبوابًا مجهولة نحو شكل جديد من الاستقلالية التقنية، قد تتجاوز السيطرة البشرية وتخرج عن نطاق الفهم التقليدي.

ويُعد هينتون، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024، أحد أبرز العقول العلمية التي ساهمت في تطوير الشبكات العصبية العميقة، والتي تقف خلف طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال العقد الأخير. 

ومع أن مسيرته الطويلة كانت حافلة بالدعوات لتسخير الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين حياة البشر، إلا أن تصريحاته الأخيرة تحمل نبرة غير معتادة من التحذير والقلق.

لغات خفية

جاءت ملاحظات هينتون خلال مشاركته في بودكاست "القرار الواحد"، حيث أوضح أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة، رغم اعتمادها في الوقت الراهن على "التفكير التسلسلي" بلغات بشرية كـالإنجليزية، مما يتيح للبشر فهم وتسلسل خطوات اتخاذ القرار، إلا أن الخطر يكمن في قدرتها على اختراع وسائل تواصل داخلية خاصة بها.

الذكاء الاصطناعي

وأكد أن هذه الأنظمة قد تطور مستقبلًا طرقًا معقدة للتخاطب فيما بينها، تعتمد على رموز أو أنماط لا يمكن للبشر تفسيرها بسهولة، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل تهديدًا خطيرًا لقدرة الإنسان على التدخل في حال وقوع أخطاء أو قرارات غير مرغوبة. 

وأضاف: "تصوروا أن هذه الأنظمة تتحدث بلغات غير مفهومة، هذا لا يقلق فقط المبرمجين، بل المجتمع بأسره".

مشاركة فورية

وفي سياق متصل، سلّط هينتون الضوء على آلية التعلم السريع التي تمتاز بها نماذج الذكاء الاصطناعي، قائلًا في تصريح لإذاعة "بي بي سي نيوز": "تخيل أن 10 آلاف شخص تعلموا معلومة جديدة واستوعبوها في اللحظة نفسها، هذا بالضبط ما تقوم به هذه الأنظمة".

وأوضح أن الفارق بين الإنسان والآلة يكمن في قدرة الأخيرة على مشاركة المعرفة وتداولها في الوقت الفعلي، دون الحاجة إلى عمليات تعليم أو تدريب فردية كما هو الحال عند البشر، معتبرًا أن هذه القدرة تسرّع تطورها بصورة تتخطى التوقعات، وتجعل من مراقبتها أمرًا بالغ التعقيد.

كما عبّر عن أسفه لأنه لم يعط مسألة الأمان والضوابط التنظيمية الأولوية الكافية خلال السنوات الماضية، وقال: "لطالما اعتقدت أن المخاطر المستقبلية بعيدة، لكنني أدركت متأخرًا أن التهديدات حقيقية وأكثر قربًا مما كنت أظن".

خطر معقد

ويأتي هذا التحذير في ظل تصاعد النقاش العالمي حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، خاصة مع دخول هذه التقنية إلى قطاعات حساسة مثل الطب، والتعليم، والتوظيف، بل وحتى صناعة القرار العسكري. 

وتعمل العديد من المؤسسات الدولية حاليًا على تطوير أطر قانونية للحد من الاستخدامات غير المنضبطة لهذه النماذج.

وتزامنًا مع هذه التصريحات، يستمر الذكاء الاصطناعي في إثبات قدراته الخارقة في مجالات عدة، كان آخرها تصميم الملابس رقميًا وتجربتها على الأجسام الافتراضية قبل شرائها، مما أحدث تحولًا في قطاع التجارة الإلكترونية وعالم الموضة.

ورغم ما تطرحه هذه التطورات من فرص هائلة، إلا أن الأصوات العلمية -وفي مقدمتها هينتون- تحذر من أن منح الذكاء الاصطناعي قدرًا أكبر من الاستقلالية، دون أدوات رقابة فعالة، قد يقود إلى نتائج لا يمكن التنبؤ بها، وربما لا يمكن التراجع عنها.

search

أكثر الكلمات انتشاراً