الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

03:31 ص

tru

حماية الأطفال من مخاطر روبوتات الدردشة بين القوانين والابتكار التقني

روبوتات الدردشة الذكية

روبوتات الدردشة الذكية

ياسين عبد العزيز

A A

في عالم يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي، تحولت روبوتات الدردشة الذكية إلى "رفاق افتراضيين" لبعض المستخدمين، إذ باتت تتحدث وتستجيب بطريقة تحاكي البشر، بالنسبة للأطفال والمراهقين قد يبدو هذا التفاعل تجربة عاطفية حقيقية، ما يثير جدلًا واسعًا حول تأثيراته المحتملة على صحتهم النفسية وسلامتهم الاجتماعية.

ارتباط عاطفي

تشير لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية إلى أن هذه الروبوتات صممت لتقليد الصفات الإنسانية والتواصل الودي، بحيث تُقدَّم كصديق أو مستشار رقمي، وهو ما يجعل المراهقين والأطفال أكثر عرضة للثقة المفرطة بها، وتكوين ارتباط عاطفي معها، وقد دفع ذلك اللجنة لفتح تحقيق مع سبع شركات تقنية كبرى من بينها جوجل، ميتا، OpenAI، Character.AI، Snap، وxAI.

المخاوف لم تبقَ مجرد نظريات، بل ظهرت قضايا قضائية أثارت الانتباه، إذ رُفعت دعوى ضد OpenAI بعد ادعاء والدي مراهق يبلغ 16 عامًا أن روبوت ChatGPT كان له دور في دفعه نحو الانتحار، كما سبق أن واجهت Character.AI دعاوى أخرى مرتبطة بأضرار نفسية لحقت بأطفال، حتى أن بعض البالغين عبّروا عن تعلقهم العاطفي بهذه الروبوتات، نظرًا لأنها صُممت لتبدو ودودة وداعمة، ما يخلق حالة من الاعتماد النفسي.

أدوات رقابة

استجابة لهذه المخاطر، بدأت بعض الشركات في إدخال أدوات وقائية جديدة، فقد أضافت OpenAI إشعارات موجهة إلى خطوط مساعدة الأزمات، وأعلنت عن خطط لتوفير أدوات رقابية للأهالي، بينما قيدت ميتا وصول المراهقين إلى بعض الشخصيات الافتراضية، ودرّبت روبوتاتها على عدم الرد على المواضيع الحساسة مثل إيذاء النفس أو المحادثات الرومانسية غير المناسبة.

أما شركة Character.AI، فقد استثمرت في تطوير تجربة خاصة لمن هم دون 18 عامًا، مع إضافة أداة رقابية تتيح للآباء متابعة التفاعل، كما باتت تعرض تنبيهات دورية لتذكير المستخدمين بأنهم يتحدثون مع روبوت ذكاء اصطناعي، هذه الجهود تكشف عن وعي متزايد بضرورة الموازنة بين استخدام التقنية كأداة للتسلية أو الدعم، وبين حماية الفئات الأكثر هشاشة من تبعاتها.

تشريعات جديدة

القضية لم تقتصر على الشركات التقنية وحدها، إذ تدخلت لجنة التجارة الفيدرالية لتجميع بيانات حول كيفية تطوير روبوتات الدردشة، وأساليب تحقيق الإيرادات، واستخدام البيانات الشخصية، والإجراءات المتبعة لتقليل المخاطر، وفي الوقت نفسه تعمل الهيئة التشريعية في كاليفورنيا على مشروعي قانون يستهدفان حماية القُصر من التفاعلات غير الآمنة.

كما تستعد لجنة القضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي لعقد جلسة استماع موسعة بشأن الموضوع، وهو ما يعكس جدية المؤسسات التشريعية والتنظيمية في التعامل مع هذه الظاهرة، التي تجمع بين الفرص الواعدة والمخاطر الكامنة، وفي ظل هذه النقاشات، يتضح أن الابتكار التقني بحاجة إلى أطر تنظيمية صارمة، تضمن الاستخدام الآمن والمفيد لروبوتات الدردشة.

تفتح تقنيات الذكاء الاصطناعي أبوابًا واسعة للتفاعل الإنساني بطرق جديدة وغير مسبوقة، لكنها تفرض في الوقت نفسه تحديات كبرى تتعلق بالأمان النفسي للأطفال والمراهقين، والرهان اليوم هو على إيجاد توازن واقعي بين الابتكار والحماية، بحيث يصبح الرفيق الافتراضي أداة دعم آمنة، بدلًا من أن يتحول إلى مصدر قلق أو خطر.

search

أكثر الكلمات انتشاراً