الذكاء الاصطناعي يعيد رسم مستقبل استكشاف البترول ويخفض تكاليف الحفر عالميًا

شهد قطاع البترول خلال السنوات الأخيرة ثورة رقمية غير مسبوقة، بفضل الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ لم تعد عمليات الاستكشاف تعتمد فقط على الخبراء التقليديين وأدواتهم المحدودة، بل أصبحت الخوارزميات المتطورة قادرة على تحليل البيانات الجيولوجية المعقدة بسرعة ودقة فائقة، الأمر الذي ساهم في تسريع وتيرة الاستكشاف وخفض تكاليف الحفر بملايين الدولارات، مع زيادة فرص اكتشاف حقول جديدة بشكل ملحوظ في مختلف المناطق.

استثمارات ضخمة

من أبرز الشركات التي تبنت هذه التكنولوجيا شركة إيني الإيطالية، حيث اعتمدت على خوارزميات التعلم العميق لتحليل بيانات الحقول البحرية في البحر المتوسط، وخصصت أكثر من 13 مليار دولار لمشروعات الاستكشاف والإنتاج في مصر منذ عام 2015، ويعمل لديها نحو 32 ألف موظف عالميًا، من بينهم آلاف في شمال إفريقيا، وقد ساهم تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي في حقل "ظهر" في رفع إنتاجيته بنسبة 20%، ما يعد مثالًا حيًا على الدور الفعّال لهذه التقنيات.

منصات متطورة

أما شركة بي بي البريطانية فقد خطت خطوات متقدمة عبر تطوير منصات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزلزالية بسرعة تزيد عشرة أضعاف مقارنة بالطرق التقليدية، وقد استثمرت نحو 35 مليار دولار في السوق المصري منذ دخولها، ويعمل لديها أكثر من 60 ألف موظف حول العالم، كما ساعدت الخوارزميات المستخدمة في مشروع غرب الدلتا على تقليل تكاليف الحفر بنسبة 15%، مما عزز قدرتها التنافسية في قطاع الغاز الطبيعي والمشروعات البحرية.

تقنيات دقيقة

في السياق ذاته، طورت شركة هاليبرتون الأمريكية منصة "DecisionSpace" المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتوقع أفضل مواقع الحفر بدقة عالية، وأنفقت نحو 100 مليون دولار لتطوير حلول رقمية موجهة لصناعة البترول، ويبلغ عدد موظفيها نحو 45 ألف موظف، وقد جرى تطبيق أنظمتها في الصحراء الغربية بمصر، ما ساعد على رفع دقة الاكتشافات بنسبة 30%، وهو ما يؤكد القيمة العملية لهذه الحلول الرقمية في تحسين كفاءة الاستكشاف.

حلول شاملة

من جانبها، تميزت شركة شلمبرجير بدمج الذكاء الاصطناعي في التحليلات الجيولوجية عبر منصاتها المتطورة "DELFI Cognitive E&P"، وقد خصصت نحو مليار دولار لتطوير هذه التقنيات خلال السنوات الخمس الأخيرة، ويعمل لديها ما يقارب 99 ألف موظف عالميًا، كما دخلت في شراكة مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتوظيف الذكاء الاصطناعي في حقول خليج السويس، الأمر الذي ساهم في تعزيز الإنتاج وتطوير أساليب الإدارة الرقمية للحقول.

كفاءة متزايدة

بدورها، ركزت شركة شيفرون الأمريكية على توظيف الخوارزميات المتطورة لتحليل البيانات التحت سطحية، ما ساعدها في تقليل نسبة الحفر الجاف غير المثمر، وقد استثمرت أكثر من 10 مليارات دولار في أنشطة الاستكشاف بإفريقيا، ويعمل لديها حوالي 42 ألف موظف.

كما أسهم إدخال الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستكشاف بشرق المتوسط في رفع نسبة نجاح الاكتشافات بنسبة 25%، وهو ما يعكس حجم التحول الذي أحدثته هذه التكنولوجيا في تحسين كفاءة الاستثمارات.

إن الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في صناعة البترول لا يقتصر على خفض التكاليف وتسريع العمليات فقط، بل يمتد ليعيد رسم ملامح قطاع كامل يعتمد بشكل متزايد على البيانات والتحليلات الذكية، ما يفتح آفاقًا جديدة لمستقبل أكثر استدامة وربحية في صناعة الطاقة العالمية.