الذكاء الاصطناعي بين التحفيز والإضعاف.. كيف يعيد تشكيل دافعية الطلاب نحو التعلم؟
الذكاء الاصطناعي
ياسين عبد العزيز
تشهد البيئة التعليمية اليوم تحولًا جذريًا بفعل انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التي بدأت تتغلغل في أساليب التدريس والتعلّم، محدثة ثورة في الطريقة التي يتفاعل بها الطلاب مع المعرفة، فمن روبوتات المحادثة التفاعلية مثل ChatGPT وClaude، إلى المنصات التعليمية المتخصصة مثل Khanmigo وALEKS، لم يعد التعلم حكرًا على الكتب والفصول التقليدية، بل أصبح تجربة رقمية متكاملة تتكيّف مع احتياجات الطالب وسرعة تقدّمه، وتمنحه شعورًا بالثقة والتحسّن المستمر.
ومع ذلك، يطرح هذا التطور تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت هذه الأدوات تحفّز فعلاً دافعية الطلاب نحو التعلم، أم أنها تزرع فيهم اعتمادًا مفرطًا يضعف رغبتهم في المعرفة على المدى الطويل.
نتائج أولية
تُظهر الدراسات الحديثة أن للذكاء الاصطناعي القدرة على تعزيز حافز الطلاب عندما يُستخدم بطريقة مدروسة، ففي أبحاث جامعية حديثة، وُجد أن الأدوات التعليمية الذكية التي توفّر تغذية راجعة فورية وتفاعلاً هادفًا، ترفع مستوى الكفاءة الذاتية لدى المتعلمين، وتغرس فيهم الثقة بقدرتهم على الإنجاز.
كما أشارت دراسة حول تعلم اللغات عبر الذكاء الاصطناعي إلى أن الطلاب أبدوا مستويات أعلى من المتعة وانخفاضًا في القلق مقارنةً بالطُرق التقليدية، ما ساهم في تحسين دافعهم الداخلي.
وفي تحليل موسّع شمل طلابًا من مصر والسعودية وإسبانيا وبولندا، تبيّن أن الأثر التحفيزي يزداد وضوحًا عندما تركز الأدوات على الاستقلالية والتفكير النقدي.
أما في المراجعات العلمية الأوسع، فقد أكدت النتائج أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على تعزيز الانخراط المعرفي والعاطفي والسلوكي، ما يجعله وسيلة فعّالة في رفع الحماس داخل العملية التعليمية.

أبحاث متباينة
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن الصورة ليست وردية تمامًا، فقد أظهرت دراسات أخرى أن اعتماد الطلاب المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع الحافز الذاتي لديهم بمجرد التوقف عن استخدامها، ففي بحث شمل أكثر من 3500 طالب، اتضح أن الأداء تحسّن بفضل التعاون مع الذكاء الاصطناعي، لكن مستوى الرضا والدافعية انخفض عند غياب الأداة، حيث شعر كثير من الطلاب بالملل وفقدان السيطرة على عملية التعلم.
ويشير بعض الباحثين إلى أن الذكاء الاصطناعي، في هذه الحالة، يتحول إلى “عكّاز” معرفي يسند الطالب دون أن ينمّي قدراته، مما يخلق حالة من الاعتماد المَرَضي على التكنولوجيا.
كما كشفت أبحاث أخرى أن دقة المخرجات عامل حاسم في استمرار التحفيز، إذ يفقد الطلاب الحماس بسرعة عند مواجهة نتائج خاطئة أو غير واقعية، وهو ما يجعل التجربة التعليمية أقل استقرارًا على المدى الطويل.
استخدام متوازن
تختلف نتائج استخدام الذكاء الاصطناعي تبعًا لطريقة توظيفه وسياقه التعليمي، فبحسب تحليل أجرته جامعة ألاباما، فإن الأدوات تكون أكثر فاعلية عندما يُسمح للطلاب باستخدامها بانتظام تحت إشراف المعلمين، مع احتفاظهم بحرية اتخاذ القرار.
كما وُجد أن طلاب الجامعات يستفيدون أكثر من المراحل الدراسية الأصغر سنًا، وأن الأدوات المتخصصة مثل ALEKS وKhanmigo تحقق نتائج أفضل من الأدوات العامة مثل ChatGPT، خاصة في تنمية مهارات التفكير النقدي والمثابرة.
ويجمع الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يُنظر إليه كبديل عن الأساليب التعليمية التقليدية، بل كشريك داعم وموجه للتعلم الذاتي، فحين يشعر الطالب بالاستقلالية، ويتلقى تغذية راجعة واقعية، ويتحكم في طريقة استخدامه للتقنيات، يصبح الذكاء الاصطناعي محفّزًا حقيقيًا يدعم طموحه، لا عائقًا يقلل من عزيمته.
رؤية مستقبلية
إن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يمثل فرصة كبيرة لإحداث تحول نوعي في أساليب التعلم، لكنه أيضًا يحمل مخاطر كامنة إذا أُسيء استخدامه، فبينما يمكن لهذه الأدوات أن تمنح الطالب تجربة تعلم شخصية وفعّالة، قد تؤدي المبالغة في الاعتماد عليها إلى تآكل الحافز الداخلي، وتراجع مهارات التفكير النقدي، وتحوّل المتعلم إلى متلقٍ سلبي ينتظر الحلول الجاهزة.
ومن هنا، تأتي أهمية الدور الذي يلعبه المعلّم في توجيه استخدام هذه الأدوات، وضمان أن تبقى وسيلة لتعزيز الكفاءة لا بديلًا عنها،كما يتحمّل أولياء الأمور والمطوّرون مسؤولية مشتركة في مراقبة الاستخدام، وتصميم أنظمة تعليمية تراعي النمو النفسي والذهني للطلاب، ففي نهاية المطاف، يظل الهدف الأسمى للتكنولوجيا التعليمية هو تمكين الإنسان من التعلم بعمق، لا اختصار طريقه نحو المعرفة السطحية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً