مصر تستثمر مليارات الجنيهات لتطوير المدن الذكية وتشغيل الإنترنت الذكي

تسعى الحكومة المصرية إلى إعادة رسم خارطة الخدمات في المحافظات من خلال تطوير بنية تحتية رقمية متقدمة تعتمد على شبكات الألياف الضوئية ومراكز البيانات المحلية، وقد أكدت التقديرات الرسمية أن أكثر من 45 ألف كيلومتر من كابلات الفايبر تم مدها خلال السنوات الثلاث الماضية، مع خطط للوصول إلى تغطية شاملة بحلول 2027. 

ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية وطنية لتحويل المدن المحلية إلى بيئات ذكية قادرة على تشغيل تطبيقات إنترنت الأشياء وإدارة الخدمات بشكل إلكتروني، بما يواكب المعايير العالمية للمدن الذكية ويعزز كفاءة الخدمات للمواطنين.

مركز بيانات

وفي إطار هذه المبادرات، بدأت في أسيوط عملية إنشاء مركز بيانات إقليمي يخدم محافظات الصعيد باستثمارات تصل إلى 1.2 مليار جنيه، بهدف استضافة الخدمات الرقمية الحكومية والتعليمية والصحية، وتقليل الاعتماد على المراكز المركزية في القاهرة. 

هذا المشروع يرفع من كفاءة التشغيل ويقلل زمن الاستجابة للمستخدمين في محافظات الجنوب، كما يسهم في تعزيز أمن البيانات وحماية المعلومات الحيوية من الأعطال أو الانقطاعات المفاجئة، ما يعكس تحولًا ملموسًا في إدارة البنية التحتية الرقمية على مستوى الجمهورية.

مراقبة ذكية

وفي محافظة بورسعيد، يشهد قطاع النقل والموانئ تحديثات واسعة في أنظمة مراقبة ذكية ترتبط بتقنيات إنترنت الأشياء، حيث تم ربط ساحات الحاويات في ميناء شرق بورسعيد بأنظمة تسمح بتتبع حركة الشاحنات والمناولة في الوقت الحقيقي. 

وأظهرت تقارير هيئة قناة السويس أن استخدام هذه الأنظمة أدى إلى رفع كفاءة حركة الشحن بنسبة 28%، وخفض زمن الانتظار في الميناء بحوالي 35%، مما يعزز مكانة بورسعيد كمركز لوجستي إقليمي ودولي، ويضعها في مصاف المدن الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا لتسهيل الحركة التجارية وتحسين الأداء اللوجستي.

طاقة متجددة

أما مدينة العلمين الجديدة، فتمثل نموذجًا متقدمًا للمدن الذكية المستدامة، حيث تعمل وزارة الكهرباء بالتعاون مع شركتي Siemens وInfinity على تطوير أنظمة إدارة ذكية لشبكات الطاقة الشمسية، بهدف توليد 30% من احتياجات المدينة من المصادر المتجددة بحلول 2030. 

وتشمل المبادرة ربط منظومات الشحن الكهربائي للسيارات بالشبكات الذكية، ما يسمح بالتفاعل اللحظي مع استهلاك السكان وتقليل الضغط على الشبكة، وهو ما يعكس قدرة هذه المدن على إدارة الطاقة بكفاءة وتحقيق استدامة بيئية ومالية على المدى الطويل.

ويؤكد خبراء أن هذه الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الرقمية والذكية لا تقتصر على تحسين الخدمات، بل تضع مصر في موقع ريادي بين الدول التي تبنت مدنًا ذكية متكاملة، حيث يمكن مراقبة حركة المرور وإدارة الطاقة والموارد العامة بكفاءة عالية. 

كما يساهم هذا التوجه في فتح آفاق جديدة للاستثمار في قطاعات النقل والطاقة والصناعة الرقمية، ويمثل خطوة مهمة نحو التحول إلى اقتصاد رقمي متكامل، يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة لتلبية احتياجات المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.

من جانبه، شدد مسؤولون حكوميون على أن تطوير المدن الذكية يشمل دمج كافة الجهات الحكومية والخاصة ضمن منظومة متكاملة، مع التركيز على تجربة المستخدم وتقليل البيروقراطية، وهو ما يعزز من جودة الحياة في المدن الحديثة ويضع مصر على خارطة الدول التي تبنت أنظمة ذكية لتحسين الأداء الاقتصادي والاجتماعي.