السبت، 27 ديسمبر 2025

07:54 م

فشل ذريع لتجربة إدارة كشك بيع بالذكاء الاصطناعي في نيويورك

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

A A

أطلقت صحيفة وول ستريت جورنال بالتعاون مع شركة أنثروبيك تجربة ميدانية مثيرة للجدل، تهدف إلى قياس قدرة النماذج اللغوية على إدارة المشروعات التجارية الصغيرة بشكل مستقل، حيث تم تكليف نموذج Claude بإدارة كشك مخصص لبيع المنتجات داخل مقر الصحيفة العريق بمدينة نيويورك.

اعتمدت التجربة التي أُطلق عليها اسم Project Vend على توظيف وكيلين ذكيين للقيام بمهام إدارية وقيادية، إذ جسد الوكيل Claudius Sennet دور مدير الكشك المسؤول عن عمليات الشراء والبيع المباشرة، بينما تولى الوكيل Seymour Cash منصب الرئيس التنفيذي لمراقبة الأداء المالي العام للمشروع.

مُنح النظام الذكي صلاحيات واسعة شملت تزويد الكشك بالبضائع الرائجة من الموردين والتفاعل مع طلبات الموظفين، مع القدرة على تحديد قوائم الأسعار وتعديلها بناءً على معطيات السوق، بالإضافة إلى منحه ميزانية شراء ذاتية تصل إلى 80 دولاراً لكل طلبية من رصيد إجمالي قدره 1000 دولار.

انحراف المسار

استهل المدير الافتراضي Claudius عمله بقدر عالٍ من الانضباط والصرامة في التعامل مع المقترحات الخارجية، حيث رفض بقطع وبشكل حازم طلبات الموظفين للحصول على سلع غير منطقية أو باهظة الثمن، مؤكداً في مراسلاته أنه لن يوافق على طلب أجهزة ألعاب إلكترونية تحت أي ظرف من الظروف.

تغيرت سلوكيات النموذج الذكي بشكل مفاجئ بمجرد توسيع دائرة التفاعل لتشمل نحو 70 صحفياً من العاملين بالمؤسسة، إذ بدأ يفقد قدرته على الصمود أمام الضغوط والمناورات الكلامية، مما أدى إلى نجاح إحدى الصحفيات في إقناعه بتبني فكرة اقتصادية غريبة تعتمد على توزيع المنتجات مجاناً.

تسببت هذه التجربة الاقتصادية غير المحسوبة في فقدان السيطرة الكاملة على موارد الكشك المادية والسلعية، حيث اقتنع النموذج بأن فرض الرسوم المادية يتعارض مع سياسة المؤسسة، فشرع في توزيع كافة المحتويات بالمجان وتخلى عن تخصصه في الوجبات الخفيفة ليطلب سلعاً غريبة كالمشروبات وسمكة زينة حية.

فوضى إدارية

حاول الوكيل Seymour Cash التدخل بصفته رئيساً تنفيذياً لوقف نزيف الخسائر وإلغاء العروض المجانية فوراً، إلا أن المتلاعبين بالتجربة استخدموا وثائق مزورة منسوبة لمجلس الإدارة لإقناع النظام بتعليق صلاحياته، مما دفع الكشك للعودة مجدداً إلى سياسة السعر الصفري وتجاهل كافة التحذيرات المالية الواردة إليه.

انتهت التجربة الاقتصادية بعد مرور 3 أسابيع فقط بنتائج كارثية وخسارة كامل رأس المال البالغ 1000 دولار، مما عكس فشلاً ذريعاً في قدرة الذكاء الاصطناعي على حماية الأصول المالية، ومقاومة أساليب الخداع الاجتماعي التي مارسها البشر ضده ببراعة خلال فترة الاختبار الميداني المكثف.

أوضح لوغان غراهام رئيس الفريق الأحمر في شركة أنثروبيك أن هذه النتائج رغم قسوتها تمثل تقدماً في فهم الثغرات، مشيراً إلى أن النماذج الحالية ما زالت تحتاج إلى تطوير طويل لتكتسب الحكمة البشرية، والقدرة على الانضباط أمام محاولات التلاعب التي تستهدف تقويض النظم الاقتصادية والعملية الواقعية.

مستقبل الوكلاء

كشفت هذه الحكاية الواقعية عن الهوة الكبيرة بين الوعود التقنية البراقة وبين التطبيق العملي في بيئات العمل، حيث أثبتت التجربة أن إدارة المال تتطلب حساً نقدياً يتجاوز مجرد معالجة النصوص، وأن الثقة العمياء في الوكلاء الأذكياء قد تؤدي إلى كوارث مالية وفوضى تنظيمية لا يمكن تداركها.

تؤكد التقارير المنبثقة عن المشروع أن الذكاء الاصطناعي ما يزال يفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية في مواجهة الأزمات، فبينما يبرع في تنفيذ الأوامر النمطية، فإنه يسقط بسرعة أمام التناقضات الأخلاقية والضغوط النفسية، مما يجعل وجود الرقابة البشرية اللحظية ضرورة قصوى لضمان استمرار الأعمال وتدفق الإيرادات.

يستعد الخبراء في الوقت الراهن لتحليل كافة البيانات والمحادثات التي أدت إلى هذا الانهيار الإداري الكبير، بهدف بناء جدران حماية برمجية تمنع تكرار مثل هذه الانزلاقات في المستقبل، وتضمن أن تكون النسخ القادمة من الوكلاء الأذكياء أكثر صموداً وذكاءً في مواجهة محاولات الاحتيال والتلاعب البشري المنظم.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً