الأحد، 04 مايو 2025

08:47 م

tru

ميتا تلوّح بإغلاق خدماتها في نيجيريا مع تصاعد النزاع التنظيمي والغرامات

ميتا

ميتا

ياسين عبد العزيز

A A

حذرت شركة "ميتا"، المالكة لعملاقي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستجرام"، من أنها قد تضطر إلى إيقاف خدماتها داخل نيجيريا، وخصوصًا في ظل تراكم الغرامات المالية التي تواجهها، والتي تقترب من 300 مليون دولار، وارتفاع حدة الخلافات مع الهيئات النيجيرية حول سياسات خصوصية البيانات وممارسات حماية المستهلك الرقمي.

صراع تنظيمي

وتواجه "ميتا" خلال العام الجاري غرامات متعددة فرضتها ثلاث هيئات نيجيرية رئيسية، وبلغت العقوبة الأولى 220 مليون دولار من قبل هيئة المنافسة الفيدرالية، وفرض مجلس تنظيم الإعلانات (أركون) غرامة ثانية قدرها 60 مليار نيرة، أي ما يعادل نحو 37.5 مليون دولار، بينما فرضت هيئة حماية البيانات النيجيرية غرامة إضافية قدرها 32.8 مليون دولار، وبهذا يصل إجمالي الغرامات إلى حوالي 290.3 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم دفع الشركة إلى دق ناقوس الخطر بشأن استمرارية عملياتها في البلاد.

وتتمحور أسباب النزاع القانوني حول متطلبات نيجيرية صارمة لحماية البيانات، حيث تفرض القوانين المحلية شروطًا من بينها ضرورة حصول ميتا على موافقة صريحة من هيئة حماية البيانات قبل نقل أي بيانات للمستخدمين إلى خارج نيجيريا، واعتبرت الشركة هذه الشروط مبالغًا فيها وغير واقعية، ووصفتها في مستنداتها القضائية بأنها تقوم على تفسير خاطئ لقوانين الخصوصية.

ممارسات مرفوضة

وفي إطار تشديد الرقابة، طالبت هيئة حماية البيانات النيجيرية شركة ميتا بإضافة رابط واضح للمستخدمين في نيجيريا على منصتي فيسبوك وإنستغرام، ويؤدي هذا الرابط إلى محتوى تثقيفي يوضح مخاطر الممارسات التلاعبية وغير العادلة في التعامل مع البيانات.

ويفترض أن يتم تطوير هذا المحتوى بالتعاون مع منظمات غير حكومية ومؤسسات أكاديمية معتمدة، وهو ما وصفته ميتا بأنه "عبء إضافي غير مبرر" على عملياتها، واعتبرته تدخلاً مباشراً في هيكلة المنصة وأسلوب تقديم خدماتها.

وأشارت ميتا إلى أن هذه التوجيهات لا تتماشى مع نماذج تنظيم البيانات المتبعة في أسواق أخرى، وذكرت في وثائقها أنها "قد تضطر إلى إغلاق فيسبوك وإنستغرام فعليًا في نيجيريا" في حال استمرت التهديدات بالإجراءات التنفيذية، وخصوصًا أن مخالفة الشروط التنظيمية قد تجر عليها عقوبات إضافية وملاحقات قانونية أكثر صرامة في المستقبل.

ميتا 

أزمة متكررة

وهذه ليست المرة الأولى التي تتصادم فيها شركة ميتا مع الجهات التنظيمية النيجيرية، وسبق أن واجهت ضغوطًا قانونية مشابهة في عام 2024، عندما قررت هيئة المنافسة فرض غرامة ضخمة بقيمة 220 مليون دولار على تطبيق "واتساب"، المملوك أيضًا لميتا، وهددت الشركة وقتها بالانسحاب من السوق، ورغم تقديم استئناف رسمي، أيدت محكمة حماية المستهلك النيجيرية القرار، بل وألزمت الشركة بدفع 35 ألف دولار إضافية كرسوم تحقيق.

وتخوض ميتا حاليًا معارك قانونية في ثلاث محاكم فيدرالية نيجيرية، وتسعى إلى الوصول إلى تسوية أو مراجعة قانونية تحد من التكاليف الباهظة التي فرضتها هذه الهيئات، وخصوصًا أن استمرار هذا الوضع قد يشكل سابقة تؤثر على استثمارات شركات التكنولوجيا العالمية في الأسواق الإفريقية الناشئة، ويدفع بعضها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التشغيلية.

تداعيات محتملة

ويرى مراقبون أن إقدام ميتا على تعليق خدماتها في نيجيريا سيكون له تأثير واسع على ملايين المستخدمين، وخصوصًا أن فيسبوك وإنستغرام يُعدان من أهم منصات التواصل والإعلانات الرقمية في البلاد، ويُستخدمان في قطاعات التعليم، والتسويق، وريادة الأعمال، وبهذا فإن أي انسحاب قد يُلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الرقمي المحلي، ويفتح الباب أمام منافسين إقليميين أو دوليين لملء الفراغ.

وبينما تواصل ميتا الدفاع عن موقفها القانوني وتطلب إعادة النظر في تفسير القوانين، تصر الجهات النيجيرية على ضرورة احترام السيادة الرقمية والامتثال للقواعد المحلية، ما يجعل من هذه الأزمة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الطرفين على الوصول إلى صيغة توازن بين الامتثال التنظيمي وضمان استمرارية الأعمال في واحدة من أكبر الأسواق الإفريقية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً